الأصل السببي و الأصل المسبّبي
مسألة أصولية
إذا كان الشك في شيء ناشئا من الشك في شيء آخر و مسببا عنه فالأصل الجاري في السبب يسمى أصلا سببيا والجاري في المسبب أصلا مسبّبيا فإذا غسلنا ثوبا نجسا بالماء ثم شككنا في طهارة الثوب بسبب الشك في طهارة الماء فاستصحاب طهارة الماء أصل سببي واستصحاب نجاسة الثوب أصل مسبّبي لكون الشك في بقاء نجاسة الثوب حاصل للشك في طهارة الماء فالأصل الجاري في الشك الذي يسبب شك في شيء آخر منسوب إلى السببية و الأصل الجاري في الشك الحاصل بسبب الشك في شيء غيره منسوب إلى المسبّبية.
ظاهر العلماء بل صريحهم نفي الإشكال والخلاف في تقديم السببي على المسبّبي فيحكم في مثل المسألة السابقة بطهارة الثوب لاستصحاب طهارة الماء الذي يولد الحكم بطهارة الثوب فقدموا الأصل السببي على المسبّبي.
نعم أختلف العلماء في وجه تقديم السببي على المسبّبي فهل هو ورود الأول على الثاني أم حكومته عليه؟
ذهب شطر من الأعلام إلى القول بالورود لكون الاستصحاب الجاري في السبب أي استصحاب طهارة الماء موجب لحصول اليقين بطهارة الثوب النجس المغسول به فيكون رفع اليد عن بقاء نجاسة الثوب ليس من أفراد حرمة نقض اليقين بالشك بل من قبيل نقض اليقين باليقين فلا موضوع لجريان الاستصحاب المسببي من شك لاحق بالطهارة فلا شك لاحق بعد نقض اليقين السابق بالنجاسة بيقين لاحق بالطهارة متولد عن اليقين الحاصل من الاستصحاب السببي الذي ٲثبت طهارة الماء فحصل اليقين بطهارة الثوب وقد استظهر صاحب المقالات (رحمه الله) من كلام الكفاية ما حاصله ذلك.
وقال بعض آخر بالحكومة لرفع الأصل السببي موضوع الأصل المسبّبي وهو الشك رفعا تعبديا فإن موضوع استصحاب نجاسة الثوب هو الشك في طهارته ومع جريان الاستصحاب في طهارة الماء لا يبقى شك في طهارة الثوب لكي نستصحب نجاسته وهذا ما صرح به الميرزا النائيني (رحمه الله) في فوائده.
ولكن قد يقال إن رفع موضوع الأصل المسبّبي وجدانا حسب دعوى الكفاية قد لا يحصل للكل فقد يبقى المكلف شاكا بالطهارة لعدم حصول اليقين بها عنده وجدانا بل تعبدا بلحاظ آثار التعبد الشرعي بالأصل السببي فاليقين السابق بنجاسة الثوب باقي والشك اللاحق بطهارته باقي أيضا فيجري الأصل المسبّبي وجريانه في دعوى الفوائد أوضح فزوال الشك بالطهارة حسبها على نحو التعبد لا الوجدان فالشك الوجداني بالطهارة باقي واليقين السابق بنجاسة الثوب باقي أيضا فيجري الأصل المسبّبي.