حواشي الهداية-الحاشية: 25
قال رحمه الله : فكانوا يأتون بالمسلمين ويعذبونهم أشد التعذيب كما فعلوا ببلال الحبشي وخباب بن الأرت. انتهى. ص 10 – س 14.
بيان: بلال مولى رسول الله صلى الله عليه وآله: شهد بدرا وتوفي بدمشق، في الطاعون سنة ثماني عشرة ، كنيته أبو عبد الله، وقيل أبو عمرو، ويقال: أبو عبد الكريم، وهو بلال بن رباح، مدفون بباب الصغير بدمشق كما في رجال الشيخ وغيره.(1) وقد وصف بلال بالعبد الصالح كما رجال الكشي بسنده عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كان بلال عبدا صالحا، وكان صهيب عبد سوء يبكي على عمر. انتهى.(2) وفي الفقيه بسنده عن أبي بصير، عن أحدهما عليهما السلام، أنه قال: إن بلال كان عبدا صالحا، فقال: لا أؤذن لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فترك يومئذ: (حي على خير العمل). انتهى.(3) وروى أنه لما قبض النبي صلى الله عليه وآله امتنع بلال من الأذان وقال: لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم: إني أشتهي أن أسمع صوت مؤذن أبي عليه السلام بالأذان فبلغ ذلك بلالا فأخذ في الاذان، فلما قال: ” الله أكبر، الله أكبر ” ذكرت أباها عليه السلام وأيامه فلم تتمالك من البكاء، فلما بلغ إلى قوله: ” أشهد أن محمدا رسول الله ” شهقت فاطمة عليها السلام شهقة وسقطت لوجهها وغشي عليها، فقال الناس لبلال: أمسك يا بلال فقد فارقت ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله الدنيا وظنوا أنها قد ماتت فقطع أذانه ولم يتمه، فأفاقت فاطمة عليها السلام وسألته أن يتم الاذان فلم يفعل، وقال لها: يا سيدة النسوان إني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان فأعفته عن ذلك . انتهى.(4) وفي المروي أنه لم يبايع الأول وارتحل إلى الشام فعن الوحيد في التعليقة: عن جده(5) ، أنه قال: رأيت في بعض كتب أصحابنا، عن هشام بن سالم، عن الصادق عليه السلام، وعن أبي البختري، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن بن الحسن، أن بلالا، أبي أن يبايع أبا بكر، وأن عمر أخذ بتلابيبه، وقال له: يا بلال، هذا جزاء أبي بكر منك أن أعتقك، فلا تجئ تبايعه؟ فقال: إن كان أبو بكر أعتقني لله فليدعني لله، وإن كان أعتقني لغير ذلك فها أنا ذا، وأما بيعته، فما كنت أبايع من لم يستخلفه رسول الله صلى الله عليه وآله، والذي استخلفه بيعته في أعناقنا إلى يوم القيامة، فقال عمر: لا أبا لك: لا تقم معنا: فارتحل إلى الشام. انتهى.(6) وفي عذابه روى ابن سعد في الطبقات بأسانيده. قال رسول الله صلى الله عليه وآله بلال سابق الحبشة. وكان بلال بن رباح من المستضعفين من المؤمنين وكان يعذب حين اسلم ليرجع عن دينه فما أعطاهم قط كلمة مما يريدون وكان الذي يعذبه أمية بن خلف. وكان إذا اشتدوا عليه في العذاب قال أحد أحد، فيقولون له قل كما نقول فيقول ان لساني لا يحسنه. وان أهله اخذوه فمطوه والقوا عليه من البطحاء وجلد بقرة فجعلوا يقولون ربك اللات العزى ويقول أحد أحد فاشتراه أبو بكر فاعتقه الحديث وعن مجاهد في حديث ان جماعة ممن أسلموا اخذهم المشركون فألبسوهم أدراع الحديد ثم صهروهم بالشمس حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ فأعطوهم ما سألوا الا بلالا فإنه هانت عليه نفسه في الله حتى ملوه فجعلوا في عنقه حبلا ثم أمروا صبيانهم ان يشتدوا به بين اخشبي مكة فجعل بلال يقول أحد أحد. انتهى.(7)
وخباب بن الأرت هو أبو عبد الله أو أبو يحيى أو أبو محمد خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم التميمي الصحابي توفي سنة 37 بالكوفة وقيل 39 وسنه 73 أو 63 سنة. وفي الأعيان : خباب بخاء معجمة مفتوحة وباء موحدة مشددة وألف وباء والأرت بهمزة وراء مهملة مفتوحتين ومثناة فوقانية مشددة واصل الأرت من في لسانه عقدة لا يطاوعه لسانه عند إرادة الكلام فإذا شرع فيه اتصل كلامه ولعل أباه كان كذلك.(8) و في بعض الموسوعات خباب هو اسم علم مذكر من أصل عربي ومعناه هو الذي يمشي الخبب وهو ضرب من عدو الخيل السريع. والأرت من في لسانه عجمة وعدم إفصاح يقال أرته الله أي جعل في لسانه عجمة وعدم إفصاح و رتَّ الشَّخصُ كان في لسانه عُجمة أو لُثغة.(9) و قد عذب خباب لإسلامه عذابا شديدا فهو معدود في المعذبين في الله(10) قال ابن عبد البر في الاستيعاب: قال أبو عمر كان خباب فاضلا من المهاجرين الأولين شهد بدرا و ما بعدها من المشاهد مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يكنى أبا عبد الله وقيل يكنى أبا يحيى وقيل يكنى أبا محمد كان قديم الإسلام ممن عذب في الله وصبر على دينه. انتهى.(11) وفي فوائد بحر العلوم : أحد السابقين الأولين الذين عذبوا في الدين فصبروا على أذى المشركين روي أن قريشا أوقدت له نارا وسحبوه عليها فما أطفأها الا ودك ظهره وكان اثر النار ظاهرا عليه في جسده.انتهى.(12)
وفي طبقات ابن سعد قال خباب: لقد رأيتني يوما أخذوني وأوقدوا لي نارا ثم سلقوني فيها ثم وضع رجل رجله على صدري فما اتقيت الأرض أو قال برد الأرض إلا بظهري قال ثم كشف عن ظهره فإذا هو قد برص. انتهى.(13) وفي المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام: رحم اللَّه خبابًا، أسلم راغبًا، وهاجر طائعًا، وعاش مجاهدًا، وابتلي في جسمه، ولن يضيع اللَّه أجر من أحسن عملًا. انتهى.(14)
أسد الله بن حسين الرجا
———————
1- رجال الطوسي – الشيخ الطوسي – باب الياء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله – ص 8.
2- رجال الكشي – الكشي – ر 7 و 8 – ص 36.
3- من لا يحضره الفقيه – الشيخ الصدوق – ج 1 – ص 283.
4- من لا يحضره الفقيه – الشيخ الصدوق – ج 1 – ص 298.
5- قال في الأعيان يعني المجلسي الأول. راجع أعيان الشيعة – السيد محسن الأمين – ج 3 – ص 603.
6- معجم رجال الحديث – السيد الخوئي – ج 4 – ص 272. أعيان الشيعة – السيد محسن الأمين – ج 3 – ص 603.
7- الطبقات الكبرى – محمد بن سعد – ج ٣ – ص 232- 233.
8- أعيان الشيعة – السيد محسن الأمين – ج 6 – ص 304.
9- راجع معجم المعاني.
10- شرح نهج البلاغة – ابن أبي الحديد – ج 18 – ص 171.
11- الاستيعاب – ابن عبد البر – ج 2- ص 438.
12- الفوائد الرجالية (رجال السيد بحر العلوم) – السيد بحر العلوم – ج 2 – ص 335.
13- الطبقات الكبرى – ابن سعد – ج 3 – ص 165.
14- الكامل في التاريخ – ابن الأثير – 2 – ص 675.