عقائد

مشاركة في التّوسّل.

التّوسّل من المشروعات وفي البيان نبدٲ بتوضيح معنى الوسيلة لغةً لتفهم في لسان الشّارع في فرض الاستدلال بمذكورها فيه عليه باعتبار أن الشّارع ينطق بلسان أهله وإن أراد خلافه بيّن تصريحاً أو تلويحاً ومع ذلك نقول وبالله المستعان: للوسيلة استعمالات عدّة يظهرها منقول اللّغويين.

قال في القاموس:( الوسيلة والواسلة: المنزلة عند الملك والدّرجة والقربة. ووسل إلى الله تعالى توسيلاً: عمل عملا تقرّب به إليه كتوسل. والواسل: الواجب والرّاغب إلى الله تعالى). راجع القاموس المحيط / الفيروز آبادي / ج ٤ / ص ٦٤.
وقال ابن منظور في لسانه: (الوسيلة: المنزلة عند الملك. والوسيلة: الدّرجة. والوسيلة: القربة. ووسل فلان إلى الله وسيلة إذا عمل عملاً تقرّب به إليه. والواسل: الرّاغب إلى الله،

قال لبيد:
أرى النّاس لا يدرون ما قدر أمرهم
بلى كلّ ذي رأي إلى الله واسل

وتوسّل إليه بوسيلة إذ تقرب إليه بعمل. وتوسّل إليه بكذا: تقرّب إليه بحرمة آصرة تعطفه عليه. والوسيلة: الوصلة والقربى، وجمعها الوسائل، قال الله تعالى: (أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيّهم أقرب)، الجوهري: الوسيلة ما يتقرّب به إلى الغير، والجمع الوسل والوسائل. والتّوسيل والتّوسل واحد. وفي حديث الأذان: اللّهم آت محمداً الوسيلة، هي في الأصل ما يتوصّل به إلى الشّيء ويتقرّب به، والمراد به في الحديث القرب من الله تعالى ,وقيل: هي الشّفاعة يوم القيامة، وقيل: هي منزلة من منازل الجّنة كما جاء في الحديث. وشيء واسل: واجب…). لسان العرب / ابن منظور / ج ١١ / ص ٧٢٥.

وقول الرّاغب في المفردات : (الوسيلة التّوصل إلى الشّيء برغبة وهي أخصّ من الوصيلة لتضمّنها لمعنى الرّغبة، قال تعالى: (وابتغوا إليه الوسيلة) وحقيقة الوسيلة إلى الله تعالى مراعاة سبيله بالعلم والعبادة وتحرّى مكارم الشّريعة وهي كالقربة، والواسل الرّاغب إلى الله تعالى) . راجع مفردات غريب القرآن / الرّاغب الأصفهاني / ص ٥٢٣.

وقال ابن فارس في المقاييس:( (وسل) الواو والسّين واللّام: كلمتان متباينتان جداً. الأولى الرّغبة والطّلب. يقال وسل إذا رغب. والواسل: الرّاغب إلى الله عزّ وجل وهو في قول لبيد: بلى كلّ ذي دين إلى الله واسل. ومن ذلك القياس الوسيلة. والأخرى السّرقة. يقال: أخذ إبله توسلاً). معجم مقاييس اللّغة / أبو الحسين أحمد بن فارس زكريا / ج ٣ / ص ٣٣٩.

أقول: وممّا ذكر يظهر جليّاً أنّ للّفظ المذكور استعمالات متنوّعة من أكثرها سعة – وهو ما يرجح كونه حقيقةً فيه للتّبادر من حاقّ اللّفظ لا لقرينة – معنى التّوصل ويعبّر عنه بالتّقرب والتّوسط إلى المراد فينطبق هذا اللّفظ على كلّ مقرّب إلى المطلوب موصل إليه برغبة من الواسل وعليه فالتّوسل هو التّوسط لشّيء بشيء والقرب منه به والتّوصل به إليه ومنه قد يظهر مناسبة إطلاق الوسل على السّرقة لتوصّل السّارق بها إلى حيازة مال الغير المرغوب عند السّارق فيزول استغراب التّباين المشموم من مقاييس ابن فارس وما ذكر من معاني أخرى لا ترادف المعنى المذكور وقد لا تدخل في سعته كالدّرجة والمنزلة عند الملك والمنزلة في أعلى الجنة وغيرها وإن كانت كذلك إلّا أنّها لا تعدم الصّلة به لأنّها من المطلوبات الّتي يمال إليها بشدّة ويسلك راغبوها ما أمكن من أشكال الوسائل للوصول بها إليها فالوسائل المسلوكة موصلات و الدّرجة مثلاً متوصل إليها بها فلعلّ الاستعمال فيها من باب استعمل لفظ الموصل في المتوصّل إليه مع ملاحظة شدّة الطّلب مجازً للمناسبة المذكورة أو لغيرها أو لا لذلك بل لاستحسان الطّبع الكافي على القول به وأمّا في مثل الشّفاعة فالأمر ظاهر لدخولها في التّوصل.

وبعد ما بان اعلم أنّ التّوسل من ثوابت الإمامية – بل المسلمين وما يظهر من خلاف مع بعضهم فيه إنما هو في مصاديقه سعة وضيقا – وهو عبارة ‌عن التّوصل الى الله بالوجه المحقّق للمراد سواء على مستوى المعرفة أو قضاء الحاجة فالتّوسل المضاف إلى العبد بالنّسبة إلى الباري تعالى تارة يكون معرفيّاً قربيّاً وأخرى حاجيّاً يرتجى به قضاء الحاجة الأخرويّة أو الدّنيويّة وكلّ من هذين الضّربين مشمول بإطلاق قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). المائدة / آية 35. وقوله تعالى:(أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا). الإسراء / آية 57.

فابتغاؤهما قضيّة أمر الأوّلى ومدح الثّانية – والمعرفيّ من الوجدانيّات الّتي لا تنكر فمثلاً في تحقّق الإيمان بالله و الاعتقاد به أي معرفته ـ مع ما يؤخذ في تماميّة ذلك وهي في الحقيقة ضرب من ضروب العبادة بل أصلها ـ إنّما يمارسها العقل ويحقّقها عبر التّوجه لآيات الله تعالى والتّوسل بها في تحقق المعرفة المنشودة – إذ بها الحكائيّة عن الحقّ تعالى- باعتبار أنّه تعالى لا يكتنه ولا يحسّ ولا يجسّ ولا يحاط به ولا و لا ولا إلى أخر السّلوب الّتي يثبت عكسها المحال فبتوسّل تلك الآيات وتوسّطها تتحقّق المعرفة الإجماليّة المطلوبة فانتبه. وفي لسان الشّارع الأقدس كثرة مشيرة – عبارة أو إشارة – لهذا الضّرب من توسّلٍ بالآيات الآفاقيّة والأنفسيّة للوصول بها إلى المعرفة المطلوبة قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) فصلت / 53. وقال تعالى (أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِى مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَىْءٍۢ).الأعراف / 185.
وقال تعالى (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). الأنعام / آية 75- 79.

وفي أمالي المرتضى (رحمه الله)عن النّبيّ (صلّى الله عليه وآله): (أعلمكم بنفسه أعلمكم بربّه).أمالي المرتضى / ج 2 / ص 329. وفي البحار عن النّبيّ (صلّى الله عليه وآله): من عرف نفسه فقد عرف ربّه، ثمّ عليك من العلم بما لا يصح العمل إلّا به، وهو الإخلاص. بحار الأنوار/ العلامة المجلسي / ج ٢ / ص ٣٢. وفيها أيضاً عن أمير المؤمنين (عليه السّلام): اطلبوا العلم ولو بالصّين، وهو علم معرفة النّفس، وفيه معرفة الرّب عزّ وجلّ. بحار الأنوار/ العلامة المجلسي / ج ٢ / ص ٣٢.

أمّا ضرب قضاء الحاجة من التّوسّل فالكتاب الكريم نصّاً وظاهراً عليه والسّنة الشّريفة تواتراً فيه ومن أهم المتوسّلات التّوسل بالله وأسمائه وصفاته والتّوسل بالنّبيّ الأعظم محمّد(صلّى الله عليه وآله) وعترته الطّاهرة (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) والكتاب الكريم والأعمال الصّالحة بالعمل أو له ودعاء الصّالحين واستغفارهم وغير ذلك وفي النّقل ما يصرّح أو يشير إلى ذلك فممّا ورد في التّوسّل بالله تعالى إلى نفسه ما عن الإمام الصّادق (عليه السّلام):(اللّهم إنّي إليك فقير ومن عذابك خائف مستجير…وأعوذ بك منك). بحار الأنوار/ العلامة المجلسي / ج ٩٤ / ص ٨٨. فاعتصم واستجار به منه.

وما عن أمير المؤمنين(عليه السّلام) في دعاء كميل (رضوان الله تعالى عليه):(اللّهم إني أتقرّب إليك بذكرك وأستشفع بك إلى نفسك) مصباح المتهجد/ الشّيخ الطّوسيّ / ص ٨٤٥.

وفي باب التّوسل بأسمائه تعالى وصفاته قوله تعالى:( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا). الأعراف / آية 180. والأسماء توصيفية و سيأتي ما فيها من تأويل فلا تستعجل.

وما في الكافي في باب الصّلاة في طلب الرّزق عن محمد بن إسماعيل …عن محمد بن علي الحلبي قال: شكى رجل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) الفاقة و الحرفة في التجارة بعد يسار قد كان … فأمره أبو عبد الله (عليه السّلام) أن يأتي مقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين القبر والمنبر فيصلي ركعتين و يقول مائة مرّة: اللّهم إنّي أسألك بقوتك وقدرتك وبعزتك وما أحاط به علمك أن تيسّر لي من التّجارة. الكافي/ الشّيخ الكلينيّ / ج ٣ / ص ٤٧٣.

وما عن أمير المؤمنين(عليه السّلام) في دعاء كميل (رضوان الله تعالى عليه): (اللّهم إني أسألك … وبأسمائك التي غلبت أركان كل شيء، وبعلمك الذي أحاط بكل شيء). مصباح المتهجد/ الشّيخ الطّوسيّ / ص ٨٤٤.

وفي التّوسل بالرّسول الأعظم والعترة الطّاهرة(صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) من الكتاب قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) وتقريبه الإطلاق من جهة وبيان الأخبار القابل من جهة أخرى. و قوله تعالى:( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا). النّساء / آية 46.

وتقريبه التّوسل باستغفار النّبي والتّشرف بحضرته (صلّى الله عليه وآله) ومن المروي في الباب كثرة لا تستوعبها هذه العجالة يعضد بعضها بعضاً تولّد تواتراً يغني عن ملاحظة السّند نذكر منها بعضاً منه ما في الكافي عن عدّة من أصحابنا …عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال جاء رجل إلى النّبيّ (صلّى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إنّي ذو عيال وعليّ دين وقد اشتدّت حالي فعلمني دعاء إذا دعوت به رزقني الله ما أقضي به ديني وأستعين به على عيالي فقال: يا عبد الله توضّأ وأسبغ وضوءك ثمّ صلّ ركعتين تتمّ الرّكوع و السّجود فيهما، ثمّ قل: يا ماجد يا واحد يا كريم أتوجّه إليك بمحمّد نبيّك نبيّ الرّحمة، يا محمّد يا رسول الله إنّي أتوجّه بك إلى الله ربك وربّ كلّ شيء أن تصلي على محمّد وعلى أهل بيته وأسألك نفحة من نفحاتك وفتحاً يسيراً ورزقاً واسعاً ألمّ به شعثي وأقضي به ديني وأستعين به على عيالي. الكافي/ الشّيخ الكليني/ ج ٣/ ص 473-٤٧٤.

و فيه أيضاً في باب صلاة الحوئج: علي بن إبراهيم …عن عبد الرّحيم القصير قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السّلام) فقلت: جعلت فداك إنّي اخترعت دعاء قال: دعني من اختراعك إذا نزل بك أمر فافزع إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وصلّ ركعتين تهديهما إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قلت: كيف أصنع؟ قال: تغتسل وتصلي ركعتين … ثمّ خذ لحيتك بيدك اليسرى وابك أو تباك وقل: يا محمّد يا رسول الله أشكو إلى الله وإليك حاجتي وإلى أهل بيتك الرّاشدين حاجتي وبكم أتوجه إلى الله في حاجتي … الكافي / الشّيخ الكلينيّ /ج ٣ / ص 476-477.

و فيه عن عدّة من أصحابنا، … عن بعض من رواه قال: قال: إذا أحزنك أمر فقل في آخر سجودك: يا جبرئيل يا محمّد، يا جبرئيل يا محمّد – تكرّر ذلك – اكفياني ما أنا فيه فإنّكما كافيان واحفظاني بإذن الله فإنّكما حافظان. الكافي / الشّيخ الكلينيّ /ج ٢ / ص ٥٥٨.

وفي روضته محمد بن يحيى … عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: قال لي: إني لموعوك منذ سبعة أشهر ولقد وعك أبني إثنى عشر شهرا وهي تضاعف علينا أشعرت أنها لا تأخذ في الجسد كله ربما أخذت في أعلى الجسد ولم تأخذ في أسفله وربما أخذت في أسفله ولم تأخذ في أعلى الجسد كله؟ قلت: جعلت فداك إن أذنت لي حدثتك بحديث عن أبي بصير، عن جدك، أنه كان إذا وعك استعان بالماء البارد فيكون له ثوبان: ثوب في الماء البارد وثوب على جسده يراوح بينهما ثمّ ينادي حتّى يسمع صوته على باب الدّار يا فاطمة بنت محمد. الكافي / الشّيخ الكليني/ ج ٨ / ص ١٠٩.

وفي تفسير القميّ(رحمه الله): وقوله (اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) فقال تقربوا إليه بالإمام. تفسير القميّ/ علي بن إبراهيم القميّ /ج ١ – ص ١٦٨.

وفي تفسير العياشيّ(رحمه الله): عن محمد بن أبي زيد الرّازي عمن ذكره عن الرّضا (عليه السّلام) قال: إذا نزلت بكم شدّة فاستعينوا بنا على الله، وهو قول الله: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) قال: قال أبو عبد الله: نحن والله الأسماء الحسنى الّذي لا يقبل من أحد إلّا بمعرفتنا قال فادعوه بها. تفسير العيّاشيّ/ محمد بن مسعود العيّاشيّ/ ج ٢ / ص ٤٢. البرهان في تفسير القرآن/ السّيد الهاشميّ البحرانيّ / ج 2 / ص 617.

وفي اختصاص المفيد (رحمه الله)عن الرّضا (عليه السلام): إذا نزلت بكم شديدة فاستعينوا بنا على الله عزّ وجلّ وهو قوله: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها). الاختصاص/ الشّيخ المفيد / ص ٢٥٢.

وفي البحار عن أمالي الطّوسي (رحمه الله) : المفيد، عن الجعابي …عن محمد بن المثنى الأزدي أنّه سمع أبا عبد الله (عليه السّلام) يقول: نحن السّبب بينكم وبين الله عزّ وجلّ. بحار الأنوار/ العلّامة المجلسي /ج ٢٣ / ص ١٠١.

وفي مناقب ابن شهر آشوب (رحمه الله) من قول أمير المؤمنين(عليه السّلام) في قوله تعالى:( فابتغوا إليه الوسيلة) انا وسيلته. مناقب آل أبي طالب/ ابن شهر آشوب / ج ٢ ص ٢٧٣. مستدرك سفينة البحار/ علي النّمازيّ الشّاهروديّ / ج ١٠ /ص ٣٠١.

وفي العيون في باب ما جاء عن الرّضا (عليه السّلام) من الأخبار المجموعة وبإسناده قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله)الأئمة من ولد الحسين (عليه السّلام) من أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله عزّ وجلّ هم العروة الوثقى وهم الوسيلة إلى الله عز وجل. عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام)/ الشّيخ الصّدوق / ج 1/ ص ٦٣.

وفي البحار عن بشارة المصطفى : أبو علي بن شيخ الطائفة، عن أبيه … عن الثّمالي، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين (عليهم السّلام) قال: من دعا الله بنا أفلح، ومن دعاه بغيرنا هلك واستهلك. بحار الأنوار/ العلامة المجلسيّ / ج ٢٣ / ص ١٠٢.

وفيها من مروي جابر بن عبد الله في تفسير قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف…) في حديث طويل قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): أوّل ما خلق الله نوري ابتدعه من نوره… من آمن بنا آمن بالله، ومن ردّ علينا ردّ على الله، ومن شكّ فينا شكّ في الله، ومن عرفنا عرف الله، ومن تولّى عنا تولّى عن الله، ومن أطاعنا أطاع الله، و نحن الوسيلة إلى الله والوصلة إلى رضوان الله… بحار الأنوار/ العلامة المجلسي / ج ٢٥ / ص ٢٣.

وفيها أيضاً عن المكارم في كيفية صلاة الغياث عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: إذا كانت لأحدكم استغاثة إلى الله تعالى فليصل ركعتين، ثمّ يسجد ويقول: يا محمّد يا رسول الله، يا عليّ يا سيّد المؤمنين والمؤمنات، بكما أستغيث إلى الله تعالى، يا محمّد يا عليّ أستغيث بكما يا غوثاه بالله وبمحمّد وعلي وفاطمة – وتعدّ الأئمة (عليهم السّلام) – بكم أتوسّل إلى الله عزّ وجلّ فإنّك تغاث من ساعتك بإذن الله تعالى. بحار الأنوار / العلامة المجلسيّ / ج ٨٨ / ص٣٥٧.

وفي الخصال: أبو الحسن علي بن الفضل بن العباس البغدادي … عن ابن عباس قال: سألت النّبيّ (صلّى الله عليه وآله) عن الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربه فتاب عليه، قال: سأله بحقّ محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلّا تبت عليّ فتاب عليه. الخصال /الشّيخ الصّدوق / ص ٢٧٠.

وفي أمالي الصّدوق(رحمه الله) : ماجيلويه عن عمه … عن معمر بن راشد قال: سمعت أبا عبد الله الصّادق (عليه السّلام) يقول: أتى يهوديّ النّبيّ (صلّى الله عليه وآله) فقام بين يديه يحدّ النّظر إليه، فقال: يا يهودي ما حاجتك؟ قال: أنت أفضل أم موسى بن عمران النّبيّ الّذي كلّمه الله وأنزل عليه التّوراة والعصا وفلق له البحر وأظله بالغمام؟ فقال له النّبيّ (صلّى الله عليه وآله): إنّه يكره للعبد أن يزكّي نفسه، ولكنّي أقول: إنّ آدم (عليه السّلام) لما أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال: اللّهم إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمد لمّا غفرت لي، فغفرها الله له. وإنّ نوحاً لمّا ركب في السّفينة وخاف الغرق قال: اللّهم إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا أنجيتني من الغرق، فنجّاه الله عنه. وإنّ إبراهيم (عليه السّلام) لما ألقي في النّار قال: اللّهم إني أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا أنجيتني منها، فجعلها الله عليه برداً وسلاماً. وإنّ موسى لمّا ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال: اللّهم إنّي أسالك بحقّ محمّد وآل محمّد لما آمنتني فقال الله جلاله: (لا تخف إنّك أنت الأعلى) يا يهوديّ إنّ موسى لو أدركني ثمّ لم يؤمن بي وبنبوتي ما نفعه إيمانه شيئاً ولا نفعته النّبوة، يا يهوديّ ومن ذريتي المهدي إذا خرج نزل عيسى بن مريم (عليه السّلام) لنصرته فقدّمه وصلّى خلفه. الأمالي/ الشّيخ الصّدوق / ص ٢٨٧.

وفي الدّلائل من خطبة مولاتنا الزّهراء (صلوات الله وسلامه عليها) قالت فيها:… فاتقوا الله حقّ تقاته، وأطيعوه فيما أمركم به، فإنّما يخشى الله من عباده العلماء، واحمدوا الله الّذي لعظمته ونوره يبتغى من في السّماوات والأرض إليه الوسيلة، ونحن وسيلته في خلقه. دلائل الإمامة / محمد بن جرير الطّبري (الشّيعي)/ ص ١١٣- 114. شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد /ج ١٦ / ص ٢١١.

وفي إقبال الأعمال من دعاء النّدبة: أين باب الله الّذي منه يؤتى، أين وجه الله الّذي إليه يتوجه الأولياء، أين السّبب المتّصل بين أهل الأرض والسّماء. إقبال الأعمال /السّيّد ابن طاووس / ج ١ / ص ٥٠٩.

وفي مقنعة المفيد(رحمه الله) من استحباب القنوت في الوتر بكيفية جاء فيها … فإنّني أتقرّب إليك بهم، وأتوجّه إليك بهم، وأقدّمهم بين يدي حوائجي ومسألتي … يا محمد أتقرّب بك إلى الله ربي وربك، ليسمع دعائي، ويعطيني سؤلي، ويغفر ذنبي. المقنعة / الشّيخ المفيد / 126- ١٢٧.

وقد توسّلت بهم (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعيين) بهم الأرض ودوابّها ففي الخرائج عن داود بن كثير الرّقيّ قال: كنت عند الصّادق (عليه السّلام) … ثمّ سار فإذا نحن بظبي قد أقبل فبصبص بذنبه إلى الصّادق (عليه السّلام) وتبغّم فقال: أفعل إن شاء الله. فانصرف الظّبي. فقال البلخي: لقد رأينا شيئاً عجباً فما الّذي سألك الظّبي؟ فقال: استجار بي، وأخبرني أنّ بعض من يصيد الظّباء بالمدينة صاد زوجته، وأنّ لها خشفين صغيرين، وسألني أن أشتريها، وأطلقها لله إليه، فضمنت له ذلك. واستقبل القبلة ودعا، وقال: الحمد لله كثيراً كما هو أهله ومستحقّه. وتلا (أم يحسدون النّاس على ما آتيهم الله من فضله) .ثمّ قال: نحن والله المحسودون. ثمّ انصرف ونحن معه، فاشترى الظّبية وأطلقها، ثمّ قال: لا تذيعوا سرّنا، ولا تحدّثوا به عند غير أهله، فان المذيع سرّنا أشدّ علينا من عدونا. الخرائج والجرائح/ قطب الدين الراوندي/ ج ١ / ص ٢٩٩.

وفي البحار عنها ما روى جابر الجعفي قال: خرجت مع أبي جعفر (عليه السّلام) إلى الحجّ وأنا زميله، إذ أقبل ورشان فوقع على عضادتي محمله فترنّم، فذهبت لآخذه فصاح بي: مه يا جابر فإنّه استجار بنا أهل البيت، فقلت: وما الّذي شكا إليك؟ فقال: شكا إليّ أنّه يفرخ في هذا الجبل منذ ثلاث سنين وأنّ حيّة تأتيه فتأكل فراخه، فسألني أن أدعو الله عليها ليقتلها، ففعلت وقد قتلها الله…) بحار الأنوار/ العلامة المجلسي / ج ٤٦ / ص ٢٤٨.

وفي الثّاقب مما رواه صفوان، عن جابر قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فبرزنا، فإذا نحن برجل قد أضجع جدياً، ليذبحه، فصاح الجدي، فقال أبو عبد الله (عليه السّلام): كم ثمن هذا الجدي؟ فقال: أربعة دراهم، فحلها من كمّه، ودفعها إليه، فقال: خلّ سبيله. قال: فسرنا، فإذا نحن بصقر قد انقضّ على درّاجة، فصاحت الدّراجة، فأومأ أبو عبد الله (عليه السّلام) إلى الصّقر بكمّه، فرجع عن الدّرّاجة، فقلت: لقد رأيت عجباً من أمرك , فقال: نعم، الجدي لمّا أضجعه الرّجل ليذبحه وبصر بي قال: أستجير بالله وبكم أهل البيت ممّا يراد بي وكذلك الدّراجة، ولو أنّ شيعتنا استقاموا لاسمعتهم منطق الطير. الثاقب في المناقب / ابن حمزة الطوسي / ص ١٧٧.

وغير ذلك الكثير الكثير المتناثر في تراث الإماميّة نكتفي بما ذكر منه دفعاً للإطالة ونحيل المتوسّع إلى جوامع الحديث الموسّعة إذ فيها بغياه وغرة عيناه.

والتّوسل بالقرآن العظيم ففي المرويّ عن أمير المؤمنين(عليه السّلام):(واعلموا أن هذا القرآن هو النّاصح الّذي لا يغش، والهادي الّذي لا يضلّ، والمحدّث الّذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحد إلّا قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى، أو نقصان من عمى. واعلموا أنّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنى، فاستشفوه من أدوائكم واستعينوا به على لاوائكم، فإنّ فيه شفاء من أكبر الدّاء، وهو الكفر والنّفاق والغي والضّلال، فاسألوا الله به، وتوجّهوا إليه بحبه). بحار الأنوار / ج ٨٩ / ص ٢٤.

و التّوسل بدعاء الأغيار وعليه قوله تعالى:(قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ). يوسف / آية 97- 98.
والتوسل بالأعمال الصّالحة قال تعالى:(الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).آل عمران/ آية 16. وقال تعالى:(رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ).ألمؤمنون / آية 109. فتوسلوا إلى الله بإيمانهم وهو من الأعمال الصّالحة. وفي النّهج عن أمير المؤمنين(عليه السّلام): (إنّ أفضل ما توسّل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى، الايمان به وبرسوله، والجهاد في سبيله، فإنّه ذروة الإسلام، وكلمة الإخلاص فإنّها الفطرة وإقام الصّلاة فإنّها الملة، وإيتاء الزّكاة فإنّها فريضة واجبة، وصوم شهر رمضان فإنّه جنّة من العقاب، وحج البيت واعتماره، فإنّهما ينفيان الفقر ويرحضان الذّنب، وصلة الرّحم، فإنّها مثراة في المال ومنسأة في الأجل، وصدقة السّر، فإنّها تكفر الخطيئة، وصدقة العلانية فإنّها تدفع ميتة السّوء، وصنائع المعروف فإنّها تقى مصارع الهوان). شرح نهج البلاغة /ابن أبي الحديد / ج / ص ٢٢١.

وفي الختام لا يخفى أنّ اللّوثة الشّركيّة لا تخالج هذا اللّون من التّوسل باعتبار نظر المتوسّل إليها كموصلات طوليّة لا في عرضه تعالى وليست بدونه إلّا كالعدم في القيمة الفلسفيّة وفي ذلك الكفاية ودمتم في سلام السّلام.

ٲسد الله بن حسين الرجا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى