حواشي الهداية-الحاشية 28
قال رحمه الله: وكان النبي صلى الله عليه وآله قد أخذ عليهم العهود والمواثيق أكثر من مرة عند العقبة الأولى والثاني. انتهى. ص 11 – س 17.
بيان: أي عند بيعة العقبة الأولى والثانية و البيعة اسم مرَّة من باعَ والجمع بيعات وبِيَع وجَرَتِ البَيْعَةُ في السُّوقِ : الصَّفْقَةُ على عَقْدِ البَيْعِ وجاءتِ القَبائِلُ لِتُقَدِّمَ البَيْعَةَ لِلْمَلِكِ : أي الطَّاعَة والبيعة الكنيسة.(1) والبيعة المعاقدة والمعاهدة والتولية ، وبذل العهد على الطاعة والنصرة ومنه (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ).(2) وهذا الأخير هو المراد في المقام.
والعقبة: بفتح العين والقاف والجمع عقبات وعقاب وهي الطريق الصعب في أعالي الجبال وقولهم: أمر تكتنفه العقبات ، أي: المصاعب.(3) والعَقَبَات المَوَانِع والعَوَائِق.(4) والتل والأكمة وهي المكان المرتفع وهذا الأخير هو المراد فالمقصود تل أو مرتفع بين مكة ومنى بويع عنده النبي صلی الله عليه وآله.
وفي المنقول كما في البحار: سنة إحدى عشرة من نبوته- أي النبي صلى الله عليه وآله- كان بدء إسلام الأنصار ، وذلك ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج في الموسم يعرض نفسه على القبائل فبينا هو على العقبة إذ لقي رهطا من الخزرج ، فقال : من أنتم : فقالوا : من الخزرج ، قال : أفلا تجلسون أكلمكم؟ قالوا : بلى ، فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عز وجل ، وعرض عليهم الإسلام ، وتلا عليهم القرآن ، وكان أولئك يسمعون من اليهود أنه قد أظل زمان نبي يبعث ، فلما كلمهم قال بعضهم لبعض : والله إنه للنبي الذي يعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه ، وانصرفوا راجعين إلى بلادهم وقد آمنوا ، وكانوا ستة أنفس : أسعد بن زرارة ، وعون بن الحارث وهو ابن عفراء ، ورافع بن مالك بن عجلان ، و قطبة بن عامر بن حديدة ، وعقبة بن عامر ، وجابر بن عبدالله ، فلما قدموا المدينة على قومهم ذكروا لهم رسول الله صلى الله عليه آله ودعوهم إلى الاسلام حتى فشا فيهم دينهم فلم يبق دار من دور الانصار إلا وفيها ذكر رسول الله صلى الله عيه وآله. وفي سنة اثنتي عشرة من نبوته كان المعراج ، وفي هذه السنة كانت بيعة العقبة الاولى ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج عامئذ إلى الموسم ، وقد قدم من الأنصار اثنا عشر رجلا ، فلقوه بالعقبة وهي العقبة الاولى فبايعهم رسول الله صلى الله عليه وآله. قال عبادة ابن الصامت : بايعنا رسول الله ليلة العقبة الاولى ، ونحن اثنا عشر رجلا أنا أحدهم فلما انصرفوا بعث معهم مصعب بن عمير إلى المدينة يفقه أهلها ويقرئهم القرآن. انتهى.(5)
قال ابن هشام : قال ابن اسحاق: وذكر ابن شهاب الزُّهري عن عائذ بن عبد الله الخَوْلاني أبي إدريس أن عُبادة بن الصامت حدثه أنه قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة الأولى على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلانا ولا نعصيه في معروف فإن وفيتم فلكم الجنة وإن غشيتم من ذلك شيئا فأخذتم بحده في الدنيا فهو كفارة له وإن سترتم عليه إلى يوم القيامة فأمركم إلى الله عز وجل إن شاء عذب وإن شاء غفر. انتهى.(6)
وفي البحار : سنة ثلاث عشرة كانت بيعة العقبة الثانية ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج إلى الموسم فلقيه جماعة من الانصار ، فواعدوه العقبة من أوسط أيام التشريق ، قال كعب بن مالك : اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن سبعون رجلا ومعهم امرأتان من نسائهم : نسيبة بنت كعب أم عمار ، وأسماء بنت عمرو بن عدي وهي أم منيع فبايعنا وجعل علينا اثنا عشر نقيبا منا : تسعة من الخزرج ، وثلاثة من الاوس ، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه بالخروج إلى المدينة ، فخرجوا أرسالا ، وأقام هو بمكة ينتظر أن يؤذن له. انتهى.(7)
أسد الله بن حسين الرجا
———————
1- راجع معجم المعاني.
2- الفتح : آية 10.
3- راجع معجم المعاني.
4- راجع معجم المعاني.
5- راجع بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 19 – ص 23و24.
6- السيرة النبوية – ابن هشام الحميري – ج 1 – ص 434
7- راجع بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 19 – ص 24.