حواشي الهداية-الحاشية: 24
قال رحمه الله: وقد رافق علي عليه السلام النبي صلى الله عليه وآله في كل مراحل الدعوة وعاش ظروفها وآلمها ومتاعبها ومواقف الشرك والكفر منها. انتهى. ص 10 – س 6.
بيان: الكفر التغطية والجحود والستر ومنه سمي الزّراع كفارا لأنهم يغطون البذر والكافر كافرا لأنه يستر نعم الله عليه ويجحد بها وأما الشرك فهو اتخاذ الشريك لله تعالى بأن يعتقد في غيره ما يجب أن ينحصر اعتقاده في خصوصه تعالى والكفر أعم من الشرك فكل مشرك كافر وليس كل كافر مشرك كما في منكر وجود الله أو ساب الله أو منكر ضرورة في الدين فإنه كافر ليس بمشرك نعم من أشرك بالله جحد فهو كافر. قال في اللسان : كفر نعمة الله يكفرها كفورا وكفرانا وكفر بها: جحدها وسترها. وكافره حقه: جحده. ورجل مكفر: مجحود النعمة مع إحسانه. ورجل كافر: جاحد لأنعم الله، مشتق من الستر، وقيل: لأنه مغطى على قلبه. انتهى.(1) وقد ورد في الكتاب الكريم استعمال الكفر في الشرك دون العكس كما في قوله تعالى(إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون)(2) وقوله تعالى (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل عن سبيل الله)(3) فقد نزلتا في المشركين. واستعمل كل منهما في معناه في قوله تعالى (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية)(4) وما في قوله تعالى ( قال لصاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا)(5) من عدم الفرق يرد بقوله (وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا)(6) فيكون من قبيل استعمال الكفر في الشرك فالسنبة على ذلك هي العموم والخصوص المطلق وفي الحديث عن الأمام الباقر عليه السلام: إن الكفر لأقدم من الشرك وأخبث وأعظم ثم ذكر كفر إبليس حين قال الله اسجد لآدم فأبى أن يسجد وأبى الطاعة وأقام على الكبائر فهو كافر ومن نصب دينا غير دين المؤمنين فهو مشرك. انتهى.(7) وفي الحديث تفريق صريح بين الكفر والشرك. وقد فسر(8) ما في الحديث من أقدمية الكفر بأنه إباء من الطاعة وإنكار الحق وهو مقدمة الشرك سابق له لتوقفه على الكفر وأقل مراتب الكفر الإباء من الأمر بترك الشرك وانكاره، وذكر إبليس تمثيل بالفرد الواضح فإنه أبى أولاً من طاعة الله وأنكر أمره فكفر، ثم دعا إلى عبادة غيره فأشرك. وأما أنه أخبث وأعظم من الشرك فلأنه سبب له وداع إليه وسبب الخبث وداعيه أخبث وأعظم منه.
أسد الله بن حسين الرجا
———————
1- لسان العرب – ابن منظور – ج 5– ص 144.
2- البقرة : 6.
3- الأنفال : 36.
4- البينة : 6.
5- الكهف : 37.
6- الكهف : 42.
7- وسائل الشيعة – الحرّ العاملي – ج 1 – ص 20.
8- راجع شرح أصول الكافي – مولي محمد صالح المازندراني – ج 10 – ص 56.